بلى : ردّ عليهم في زعمهم وبيان من الله لكذبهم الصريح وأن القانون الإلهى أن من أوفى بعهده واتقى الله فأولئك الذين يحبهم الله ويعاملهم بالرحمة والعطف ويجازيهم على عملهم أحسن الجزاء ؛ والعهد يشمل كل عهد في بيع أو شراء وكل معاملة.
وإذا كان هذا جزاء الذين يوفون بعهدهم في المعاملات الدنيوية أفلا يكون الجزاء أوفى لمن يوفى بعهد الله في الدين والمعاملة بينه وبين ربه.
ثم بيّن الله ـ تعالى ـ جزاء أهل الغدر والحلف مع بيان السبب الذي يحملهم على ذلك فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ...) الآية ، روى أنها نزلت في اليهود كتموا ما أنزل الله وبدلوا وحلفوا على ذلك أنه من عند الله ، وقد أضاف العهد هنا إلى الله لأنه عهد إلى الناس في كتبه المنزلة أن يلتزموا الصدق والوفاء فيما يتعاهدون ويتعاقدون ، وأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها كما عهد إليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا فعهد الله يشمل كل هذا.
ولما كان الناكث للعهد لا بد أن يأخذ شيئا في مقابل نكثه العهد ، عبر عن ذلك بالشراء الذي هو معاوضة ومبادلة في الجملة وسمى ذلك العوض قليلا لأنه مهما كان كثيرا فهو في الواقع قليل بالنسبة لجرمه وذنبه.
أولئك الناقضون العهد لا نصيب لهم في الآخرة أصلا ولا يكلمهم الله يوم القيامة غضبا عليهم ، ولا ينظر إليهم نظرة عطف ورحمة ولا يزكيهم بالثناء عليهم أصلا ولهم عذاب أليم.
من كذبهم وافترائهم على الله أيضا
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨)