حاصلا في الواقع ، إذ علم الله لا بد أن يكون مطابقا للواقع ، وعلى ذلك فالمعنى : فعل الله بكم ذلك لحكم هو يعلمها وليتحقق إيمان المؤمنين ويظهر.
وليكرم الله أناسا منكم بالشهادة والقتل في سبيل الله ؛ والاستشهاد درجة عظيمة سيأتى بيانها (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ) (سورة النساء ٦٩) ؛ وهذه الشهادة لا يعطيها الله إلا لمن أحبه واصطفاه والله لا يحب الظالمين أبدا.
وليمحص الله الذين آمنوا ، فهذه الحوادث العنيفة التي ترج المجتمع تمحص الإيمان الخالص من الإيمان المشوب بالضعف والاستكانة حتى تصفو النفوس فلا يبقى فيها درن.
وكثير من الناس مصابون بداء الغرور الديني فهم يفهمون في أنفسهم أنهم كاملوا الإيمان حتى إذا ما محصوا بالابتلاء قلّ الديانون (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ففي غزوة أحد تخلف البعض وفر البعض.
وصعدوا في الجبل لا يلوون على أحد ، وثبت البعض حول النبي صلىاللهعليهوسلم حتى قتل ، واتخذ البعض نفسه ترسا واقيا للنبي صلىاللهعليهوسلم رضى الله عن الجميع ووفقنا حتى نقتدي بهم.
ومن الحكم العالية محق الكافرين ؛ فإنهم إذا ظفروا مرة طغوا وبغوا فيكون هلاكهم مرة واحدة ، وإذا هزموا كما في بدر ، تقلمت أظفارهم وأصابهم الضعف والهلاك شيئا فشيئا حتى يبادروا ، والعاقبة للمتقين.
دروس لمن شهد غزوة أحد
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وَما مُحَمَّدٌ