ومن يفعلها من النساء فاطلبوا أربعة من الرجال يشهدون عليهن ، والخطاب للأمة كلها لأن هذا مرض عام يفت في عضد الأمة ، فإن شهدوا عليهن فأمسكوهن في البيوت فإنهن جرثومة الفساد ، وداء إذا تفشى أهلك الأمم والأفراد حتى يتوفى أرواحهن ملك الموت ويقبضها ، أو يجعل الله لهن سبيلا بأن يتزوجن ويقلعن ، وقيل : هو الحد عن هذا الداء الحقير ولا يكون ذلك إلا من الله وتوفيقه.
واللذان يأتيان الفاحشة من الزاني والزانية غير المحصنين فآذوهما بالتأديب والتوبيخ ، فإن تابا وأصلحا حالهما وأعرضا عن هذا العمل المشين فأعرضوا عنهما وكفوا الأذى ، إن الله كان توابا يقبل التوبة من عباده ويعفوا عن السيئات رحيما بعباده.
وفي هاتين الآيتين رأيان : رأى الجمهور القائل : إن الفاحشة هي الزنا خاصة ، فالآيات الأولى في المحصنات من النساء ، أى المتزوجات ، والآية الثانية في الأبكار ، ولذا كان عقابهن خفيفا .. والآيتان منسوختان بالحد المفروض في سورة النور من الرجم والجلد وهو المراد بالسبيل الذي جعله الله للنساء المحبوسات في البيوت.
وعن أبى مسلم أن الآية الأولى في المساحقات التي تحصل بين النساء ، والثانية في اللواط ، وعلى هذا فلا نسخ ، وقد قال بذلك مجاهد ، والله أعلم.
متى يقبل الله التوبة
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨)