وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (١) وهو بهذا المعنى يخبر عن المولى ـ عزوجل ـ ويبلغ ما أوحى إليه ، فالآمر والناهي هو الله ، والرسول مبلغ فليست الطاعة له بالذات إنما هي لمن بلغ عنه وهو الله ـ عزوجل ـ فمن يطع الرسول فقد أطاع الله ... والرسول صلىاللهعليهوسلم في أوامر الشريعة وفيما يتعلق بالقرآن وأحكام الدين (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) [سورة النجم الآيات ٣ ـ ٥].
أما أمور الدنيا وما يقوله باجتهاده ورأيه في غير الشرع فقد كان الصحابة يسألون النبي عنه : أوحى يا رسول الله أم رأى؟ فإن كان وحيا أطاعوا بلا تردد ولا نظر وإن كان رأيا أشاروا ، وقد يرجع الرسول إلى رأيهم كما حصل في غزوة بدر وأحد.
ومن تولى وأعرض عن طاعتك فلا تحزن عليهم إن عليك إلا البلاغ ولست عليهم بمسيطر ، وهؤلاء الذين يخشون الناس كخشية الله أو أشد يقولون إذا أمرهم النبي صلىاللهعليهوسلم بأمر : أمرك طاعة ، أى : مطاع ؛ نفاقا وانقيادا للنبي ظاهرا فقط.
فإذا خرجوا من المكان الذي يكونون معك فيه منصرفين إلى بيوتهم دبر جماعة منهم في الليل رأيا غير الذي قالوه لك ، والله يكتب ما يبيتونه ويطلعك عليه في كتابه المنزل فلا يهمنك أمرهم فإنا مجازوهم ، وأعرض عنهم ، وتوكل على الله ؛ فإن الله كافيك شرهم ومنتقم منهم ، وكفى بالله وكيلا.
القرآن من عند الله
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)
المفردات :
(يَتَدَبَّرُونَ) التدبر : التأمل في أدبار الأمور وعواقبها ، وتدبر القرآن : النظر والتفكير في غاياته ومقاصده التي يرمى إليها.
__________________
(١) سورة النساء آية ٧٩.