(حديث شريف) ، ولما كان التناجي قد يكون في الأمور العادية كالزراعة والتجارة مثلا ، وفيما يضر شرعا قال الله : لا خير في كثير من تناجى الناس إلا نجوى من أمر بصدقة أو بما تعارف عليه الشرع من كل خير عام ، أو بإصلاح بين الناس في الخصومة والنزاع ، والخيرية في هذه الأشياء الثلاثة إنما يكون في السر دون الجهر : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (١) وكذلك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إذا ما كان في السر كان أجدى لمن يسدى له النصيحة ، والإصلاح بين الناس قد يكون في السر أدعى لإزالة الخصومة وسل السخيمة وتقريب الشقة.
ومن يفعل ذلك بقصد طلب الرضا من الله بأن يكون الدافع له على هذا العمل في السر الرغبة في رضوان الله فسوف يؤتيه أجرا عظيما والله أعلم به.
ومن يشاقق الرسول بارتداده عن الإسلام وإظهاره عداوته له من بعد ما ظهرت له الهداية على لسان رسوله ، ويعادى سنته ويتبع غير سبيل المؤمنين ويخالف إجماعهم وما اتفقوا عليه فجزاؤه أن الله يوليه ما تولى ويتركه يتخبط في دياجير الظلام والضلال : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) [سورة الصف آية ٥] وجعل النار مصيرهم وساءت مصيرا ، ويمكن أن نفهم من هذه الآية أن الوجهة التي يتوجه إليها الإنسان ويرضاها لنفسه يوليه الله إياها ويسيره في طريقها ، وعلى ذلك فاستحقاقه العقاب أمر طبيعي لاختياره طريق الشر وبعده عن الصراط المستقيم.
الشرك وخطره ، والشيطان وأثره
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (١١٧) لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ
__________________
(١) سورة البقرة آية ٢٧١.