واليتامى والعدل بينهن وهل يحل أن يمنع اليتيمة ما كتب لها من الإرث حين يرغب في نكاحها؟ وبما ذا يصالح امرأته؟ كل هذا مما تشتد الحاجة إلى معرفته والسؤال عنه ، ولذا سئل الرسول صلىاللهعليهوسلم في ذلك كثيرا فما بين حكمه فيما سلف أحيل بيانه على ما ورد في ذلك الكتاب ، أى : هذه السورة وما لم يبين حكمه بعد بين هنا.
المعنى :
ويستفتونك يا محمد في حقوق النساء على الإطلاق الشاملة للميراث وحقوق الزوجية والمعاشرة ، قل : الله يفتيكم فيهن ويبين لكم ما أشكل من أمرهن ؛ وكذلك يوضح لكم هذا ما أنزله الله من الآيات السابقة في أول السورة التي تتلى عليكم كأحكام معاملة النساء اليتامى في المواريث فقد جرت عادتكم ألا تعطوهن ما كتب لهن من الإرث إذا كان في أيديكم ، وما يتلى عليكم في هذا قوله : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) ولا تأكلوها (الآية). وترغبون في أن تنكحوهن لجمالهن والتمتع بأموالهن. وقيل : المعنى : وترغبون عن أن تنكحوهن لدمامتهن فلا تنكحوهن ، وما يتلى عليكم قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا) (الآية). وقد كان الرجل منهم يضم اليتيمة ومالها إلى نفسه فإن كانت جميلة تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة عضلها عن التزوج حتى تموت فيدفنها.
وما يتلى عليكم كذلك في شأن المستضعفين من الأولاد لا تعطونهم حقهم في الميراث وذلك قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) (الآية).
والله يذكرهم بالآيات السابقة ليتدبروا معناها فإن النفس كثيرا ما تتغافل عن دقائق الأحكام خصوصا إذا كانت الآيات تخالف طبائعهم وما ألفوه من الظلم والجور ، والله يرشدكم إلى أن تقوموا لليتامى من هؤلاء النساء والولدان الضعفاء بالعدل وأن تعنوا بهم عناية خاصة.
وما تفعلوا من خير ـ قل أو كثر ـ فإن الله عليم فسيجازيكم عليه أحسن الجزاء ، وما تفعلوا من شر ـ قل أو كثر ـ فإن الله به عليم ومجازيكم عليه.
وإن كانت امرأة تتوقع من زوجها استكبارا وعلوّا عليها بأن يمنعها نفسه ويغلظ لها