وأما أمه فهي الصديقة الطاهرة نفخ الله فيها من روحه وصدقت بكلمات ربها فكانت من القانتين.
وأما حقيقتها الشخصية والنوعية فمساوية لسائر البشر ؛ بدليل أنهما يأكلان الطعام ليقيما به أودهما ، ومرت بهما ظروف خاصة وعامة كغيرهما ، وهما يذهبان إلى الخلاء ليقضيا حاجتهما فهل يكون أمثال هذين آلهة تعبد؟!!
انظر يا من يتأتى منك النظر! كيف نبين لهم الآيات ، ثم بعد هذا يغالون في البعد عن المنطق السليم ، وكيف يصرفون عن استبانة الحق كأن عقولهم فقدت ـ بسبب التقاليد ـ وظيفتها؟!!
خلاصة نظرية القرآن في المسيح
تعرض القرآن الكريم إلى المسيح عيسى ابن مريم وقد غالى فيه أهل الكتاب ، فاليهود ينكرون نبوته ويفترون عليه الكذب ، ويقولون عليه وعلى أمه البهتان.
والمسيحيون يغالون في رفع عيسى عن البشر ، فتارة يجعلونه إلها ، أو الآلهة ثلاثة والمسيح بن مريم واحد منهم ، وتارة يقولون : هو ابن الله.
فقال القرآن القول الحق ، والرأى الوسط في عيسى ابن مريم ذلك في الآيات ٧١ ، ١٧٢ من سورة النساء وقد مر تفسيرهما ، وفي آية ١٧ من سورة المائدة والآيات ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٥ ، ٧٦ من السورة نفسها (هذه الآيات كلها مفسرة في هذا الجزء).
وخلاصته أن المسيح عيسى ابن مريم نبي من الأنبياء ورسول الله إلى بنى إسرائيل ، وقد خلق بكلمة الله التكوينية ، ومؤيد بروح منه تعالى ، وهو عبد الله وخاضع له ولن يستنكف من هذا بل ظل يدعو إليه كما في الإنجيل.
وعيسى رسول كبقية الرسل أيد بالمعجزات الموافقة لعصره كأى نبي أرسل ، والله يخلق ما يشاء وهو على كل شيء قدير.
ولا غرابة في شأن ولادته فهذا آدم وهذه حواء ، وهذه أصول الحيوانات جميعا!!! والله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الدائم الباقي القوى القادر ، لا راد لقضائه ولا معقب