المفردات :
(الْحَمْدُ) : هو الثناء الحسن والذكر الجميل. (خَلَقَ) الخلق في اللغة : التقدير ، أى : جعل الشيء بمقدار معين على حسب علمه ، وفي أبى السعود : الجعل الإنشاء والإبداع كالخلق ، غير أن الخلق مختص بالإنشاء التكويني وفيه معنى التقدير والإبداع ، والجعل عام للإنشاء كما في قوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ). وللتشريع والتقنين كما مر في قوله : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ويختص الجعل بأن فيه معنى التضمين كإنشاء شيء من شيء. (يَعْدِلُونَ) : يجعلون له عدلا مساويا وشريكا له منافسا. (أَجَلاً) الأجل : المدة المضروبة للشيء ، وقضى أجلا بمعنى حكم به وضربه. (تَمْتَرُونَ) : تشكّون في دلائل البعث والتوحيد.
المعنى :
أثنى الله ـ سبحانه وتعالى ـ على نفسه ، مما علّم به عباده الثناء عليه ، فالحمد لله ، وكل ثناء ثابت له ، إذ هو متصف بكل كمال ومنزه عن كل نقص ، وثابت له الخلق والإيجاد ، والإنشاء والإبداع.
وقد وصف ـ سبحانه وتعالى ـ هنا بصفتين من موجبات الحمد والثناء ، وهما خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور.
أما خلق السموات والأرض ، وما فيهما من العوالم والنظام ، والتقدير والإحكام فشيء يعترف به المشركون والمؤمنون على السواء (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (١) فهذه السموات وما فيها من نجوم وأفلاك وشموس وكواكب ، كل له مدار ، وله شروق وأفول ، وهذا الهواء المحيط بالأرض ، وهذا الأثير الذي ينقل الصوت ، أليس هذا كله يدل على الوحدة والكمال!
الحمد لله الذي خلق السموات وما فيها وسخر الشمس والقمر كل يجرى إلى أجل مسمى!! أما الأرض وما أدراك ما هي ، كوكب سيار وفلك دوار ، كانتا رتقا ففتقناهما وهي معلقة في الفضاء ، وتدور حول الشمس ، وعليها الجبال الرواسي وفيها الأنهار والبحار وعليها نسير وفيها نعيش وهي كروية ، ولا يقع الماء من جوانبها ،
__________________
(١) سورة لقمان آية ٢٥ ؛ والزمر ٣٨.