إنى لأراه حقا ، فقال أبو جهل : كلا ، فنزلت ... ولكنا قلنا فيما مضى : إن الصحيح أن سورة الأنعام نزلت دفعة واحدة ... ولعلهم يذكرون حوادث وقعت تتفق مع الآيات.
المعنى :
ومن هؤلاء الكفار فريق يستمع إليك وأنت تقرأ القرآن المحكم الآيات البين المعجزات ، والحال أنا جعلنا على قلوبهم أغطية وستائر تحول دون فهم القرآن الكريم وتدبر معانيه ؛ وجعلنا في آذانهم صمما حتى لا يسمعوا آياته سماع قبول وتدبر.
وهذا تمثيل وتصوير لموقفهم من القرآن والنبي حيث قالوا : أساطير الأولين ، وسحر وشعر ؛ والنبي ساحر كذاب ، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) (١) إذ حالهم وما نشئوا فيه وبيئتهم وحبهم للرياسة والجاه وحسدهم للنبي صلىاللهعليهوسلم كل ذلك كان بمثابة غطاء وحجاب يمنع القلب والسمع من أن يتقبل كلام الله وكلام رسوله بقلب فاهم وسمع واع.
ولذلك يقول القرآن فيهم : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) فهم كفروا بكل آية ومعجزة وذلك لصرف الله قلوبهم عن الخير لما أعماهم التقليد عن النظر الصحيح والفهم السليم. وهذه سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ، حتى إذا جاءوك مجادلين يقول الذين كفروا منهم وكذبوا : ما هذا إلا خرافات وترهات فهم لم يكتفوا بالتكذيب بل وصفوه بأحط الأوصاف حيث قالوا : أساطير الأولين.
وهم ينهون الناس عن القرآن حتى لا يسمعه أحد ، ويصدون عن سبيل الله. وهم ينأون عنه ويبتعدون بأنفسهم إظهارا لغاية نفورهم منه وتأكيدا لنهيهم عنه ، وما يهلكون إلا أنفسهم فقط وما يشعرون.
__________________
(١) سورة الكهف آية ٥.