لكل منكم ، ثم إليه مرجعكم بالموت الأكبر لا إلى غيره ، ثم ينبئكم ، والمراد : يجازيكم على أعمالكم إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشر.
وهو القاهر فوق عباده المتسلط عليهم ، المتصرف فيهم ، يفعل بهم ما يشاء إيجادا وإعداما ، وإحياء وإماتة.
وهو يرسل عليكم حفظة من الملائكة يحفظون أعمالكم ويحصونها عليكم (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) [سورة الانفطار الآيتان ١٠ و ١٢].
سبحان الله!! ما أعجب شأننا ، علينا رقيب وعتيد ؛ يحصون علينا أعمالنا ، ويكتبون وهم لا يغفلون ، ومع هذا نعصى الله جهرا وسرّا؟!!! سبحانك أنت أرحم الراحمين!!.
ولعل سائلا يقول : ما الحكمة في الحفظة الكتبة والله أعلم بكل شيء؟ والجواب أن المكلف إذا عرف هذا كان أهدى له وأبعد عن الفحشاء والمنكر ، وأقرب إلى عقل بعض الناس (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) [سورة الكهف آية ٤٩].
يرسل الحفظة الكرام البررة يحصون الأعمال مدة الحياة حتى إذا انتهى الأجل وحم القضاء ، وجاءت أسباب الموت ومقدماته ، توفته رسلنا ـ وهم ملك الموت وأعوانه ـ والحال أنهم لا يفرطون ولا يقصرون بزيادة أو نقصان ، ثم ردوا بعد هذا جميعا إلى الله وإلى حكمه ، وما الحكم الحق الذي يعطى بالعدل إلا له ، له الحكم وإليه الأمر ، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، وهو أسرع الحاسبين : يحاسب الكل في أقل وقت وأسرعه لا يشغله شأن عن شأن. وفي الحديث : «إن الله يحاسب الكل في مقدار حلب شاة».
من مظاهر القدرة والرحمة
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ