الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥) اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)
المفردات :
(بَصائِرُ) : جمع بصيرة ، وتطلق على العقيدة القلبية ، وعلى المعرفة الثابتة والحجة البينة ، ويقابلها البصر الذي يدرك به الأشياء الحسية. (دَرَسْتَ) أى : قرأت ، وفي الحديث : «كان يدارسه القرآن» ومنه الدرس والمدرسة وهي تشير إلى التذليل بكثرة القراءة.
المعنى :
قد جاءكم كما يجيء الغائب المنتظر تلكم البصائر من الحجج والبراهين والآيات الكونية ، والأدلة العقلية ، التي تنير البصائر وتكشف الحجب والستائر ، جاءتكم من ربكم الذي تعهدكم في الصغر والكبر والضعف والقوة فمن أبصر فلنفسه ومن أساء فعليها : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) (١) وما أنا عليكم بحفيظ ، ولا برقيب ، كل نفس بما كسبت رهينة ، وما علىّ إلا البلاغ وعلى الله الحساب.
مثل ذلك البيان الشافي نصرف الآيات في القرآن لإثبات أصول الدين ، ونفصلها ليهتدى بها المستعدون للاهتداء على اختلاف عقولهم وألوانهم ، وليقول الجاحدون المعاندون : إنما درست هذا وقرأته على غيرك وليس وحيا من عند الله ، ولقد رموا النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه علّمه قين (حداد) كان بمكة وهو أعجمى وليس بعربي (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (٢) وكيف يصدر هذا القرآن الكامل في كل شيء عن بيئة جاهلية؟ (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٣) ولنظهر هذا القرآن لقوم عندهم عقل وعلم.
__________________
(١) سورة الإسراء آية ٧.
(٢) سورة النحل آية ١٠٣.
(٣) سورة النجم آية ٤.