وهذا تهديد ووعيد شديد ، إذ هم ينتظرون أمرا قد قضى الله فيه ، إذ أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
عاقبة الاختلاف والجزاء على العمل
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠)
روى أبو داود والترمذي عن معاوية قال ما معناه : قام فينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة (ملة) وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون فرقة في النار ، وفرقة واحدة في الجنة ، وهي الجماعة».
وعلى هذا تكون الآية الكريمة شاملة لأهل الكتاب ، ولغيرهم من فرق المسلمين ، وهي مسوقة للتحذير من الاختلاف واتباع الآراء والبدع والمتشابهات ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم ، واختلافهم على شرع أنبيائهم (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) [سورة آل عمران آية ١٠٥] وقد ورد : اللهم إيمانا كإيمان العوام ، إيمان بعيد عن الشبه والخلافات الضارة.
إن الذين فرقوا دينهم واختلفوا فيه ، وأقروا ببعض وكفروا ببعض ، وأوّلوا نصوصه على حسب أهوائهم ونزعاتهم ، وكانوا شيعا كل شيعة تدين برأى إمامهم ، وتتعصب له ، لست أنت يا رسول الله من قتالهم وسؤالهم وعقابهم في شيء ، وإنما عليك تبليغ الرسالة ، وإظهار شعائر الدين الحق الذي أمرت بالدعوة إليه ، أنت يا محمد برىء منهم وهم منك براء ، إنما أمرهم وحسابهم على الله وحده ، ثم ينبئهم في الآخرة ويجازيهم أحسن الجزاء بما كانوا يفعلون.