المفردات :
(أَفِيضُوا عَلَيْنا) أفاض الماء : صبه ، ثم استعمل في الشيء الكثير ، وقيل : أعطاه غيضا من فيض ، أى : قليلا من كثير.
روى أن أهل النار لما رأوا دخول أهل الأعراف الجنة طمعوا في الفرج عنهم ، وروى أنهم يستغيثون بأقاربهم من أهل الجنة فيقول الواحد منهم : يا أخى أغثنى فإنى قد احترقت فأفض علىّ من الماء ، فيقال : أجبه ، فيقول : إن الله حرمهما على الكافرين.
وقد طلبوا هذا الطلب مع يقينهم بأنهم لا يجابون أبدا ، للإشارة إلى الحاجة القصوى للماء والشراب ، وهكذا يفعل المضطر المحتاج.
وهؤلاء الكفار قد حرم الله عليهم نعيم الجنة ورزقها ، كما حرم عليهم دخولها ، لأنهم اتخذوا دينهم الذي ساروا عليه في الدنيا أعمالا لا تزكى نفسا ، بل تدنسها ، فهم بين عمل لهو يشغل الإنسان عن العمل النافع ، وبين عمل لعب لا يفيد فائدة صحيحة كلعب الأطفال ، وقد غرتهم الحياة الدنيا ، وشغلتهم بزخارفها عن الآخرة ، أما أهل الجنة فقد شغلوا أنفسهم بالعمل النافع المجدي الذي يزكى النفوس ويطهرها ، أولئك سعوا لها سعيا ، وكان سعيهم مشكورا.
فاليوم نعامل هؤلاء الكفار معاملة من ينساهم ، ولا يجيب دعاءهم ، والمراد يتركهم في العذاب وينساهم فيه ، وذلك لأنهم نسوا لقاءنا ولم يعملوا له ، وكانوا بآياتنا يجحدون ، ولها منكرين.
الكفار وما يلاقونه وأمانيهم
وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣)