وقال شعيب : يا قوم لا تفسدوا في الأرض بأى نوع من أنواع الفساد ، كالظلم والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ، وارتكاب الإثم والفواحش ، وإفساد المجتمع بشيوع الانحلال الخلقي.
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ، وقد أصلحها ، وقد أصلحها الله بما فطر الناس على حب الخير ، وبما أودع فيهم من الميل إلى الرشاد ، وبما أرسل فيهم من الرسل والهداة والمرشدين.
فعليكم ألا تفسدوا فيها بالبغي والعدوان على الأنفس والمال والعقول والأعراض.
ذلكم الذي أمرتكم به ونهيتكم عنه هو خير لكم في الدنيا والآخرة ، وهو مجلبة للسعادة في الدارين إن كنتم مؤمنين حقا بي وبرسالتي ، وهكذا العلم وحده لا ينفع في قمع النفس وردها عن الشر بل لا بد معه من إيمان قلبي وتصديق روحي خالص ، ومخالفة للنفس والهوى. وقال شعيب لهم : لا تقعدوا يا قوم في الطرقات تنهون الناس عن الإيمان وتخوفونهم عاقبته ، وتعدونهم بالشر إن آمنوا ـ وقد كانت قريش تفعل ذلك ، كما ورد في حديث ابن عباس ـ ولا تصدوا عن سبيل الله من آمن به من الناس.
ولا تطلبوا اعوجاجا لسبيل الله ودينه ، بما تصفون وبما تكذبون وبما تشوهون الحقائق ، وتفترون على الله الكذب.
واذكروا نعم الله عليكم وقت أن كنتم قلة في المال والرجال والسطوة فبارك فيكم ، وزاد مالكم ونما ، وكثر عددكم وربا ، مع الجاه والقوة ، وانظروا نظرة عبرة وعظة كيف كان عاقبة المفسدين الظالمين من قوم عاد وثمود وقوم لوط.
وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وصدقوا ، وكانت هناك طائفة لم يؤمنوا ، وهذا شأن الناس قديما وحديثا.
إن كان هذا فاصبروا أيها المؤمنون حتى يحكم الله ويقضى بيننا ، وهو الحكم العدل ، وقد حكم بنصرة عباده المؤمنين وهلاك الظالمين المفسدين ، وهو خير الحاكمين.