كشأننا مع من سبقهم؟! فلو نشاء أصبناهم بذنوبهم ، وعذبناهم على أعمالهم ، كما أصبنا أمثالهم من قبل بغتة وهم لا يشعرون.
ونحن نطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون الحكم والنصائح سماع قبول وتدبر (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [سورة يونس آية ١٠١].
تلك القرى التي مر عليك ذكرها نقص عليك بعض أنبائها وأخبارها ، مما فيه عبرة وعظة وتسلية ، ولقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات ، والمعجزات الخارقات ولكنهم لم يؤمنوا بما كذبوا به من قبل مجيء المعجزات ، أى : في بدء الدعوة ، فهم قد ظلوا على حالهم ، ولم تنفعهم الآيات الدالة على صدق الرسل.
مثل ذلك الطبع الذي طبعه الله على قلوب الكافرين من تلك الأمم يطبع الله على قلوب الكافرين من أمة الدعوة ، إن هذا الجمود والعناد الذي تراه عند كفار مكة قد سبقوا بمثله عند الأمم السابقة ، فلا تأس عليهم ، ولا تحزن على كفرهم.
وما وجدنا لأكثرهم عهدا وفوا به ، سواء كان عهد فطرة أو عهد شرع أو عرف ، وإننا وجدنا أكثرهم خارجين على كل عهد ، وفي التعبير (بأكثرهم) إيماء إلى أن البعض قد آمن ووفى بعهده.
قصة موسى عليهالسلام
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى