دعوتك ـ وسموا ما يأتى به موسى آية كما يقول فقط لا عن اعتقاد ـ مهما تأتنا به من الآيات لتسحرنا بها وتصرفنا عما نحن فيه بلطف ورقة فما نحن لك بمصدقين أبدا ، هذا ما كان منهم.
أما جزاؤهم عليه فقد أرسل الله عليهم الطوفان والسيل فأغرقهم ، وأتلف زراعتهم كما ورد في التوراة وأرسل عليهم الجراد الذي يأكل ما اخضر من ثمارهم وزرعهم ، وأرسل عليهم القمل وهي صغار الذر (كالدودة) التي تأتي عندنا اليوم فتأكل البرسيم وباقى الزرع في لحظة وأرسل عليهم الضفادع وجعل ماءهم كالدم.
كل ذلك آيات مفصلات واضحات ، لا تخفى على عاقل أنها من عند الله وأنها عبرة ونقمة لهم ، وهذه آيات دالة على صدق موسى إذ قد توعدهم بوقوعها على وجه التفصيل لتكون دلالتها على صدقه واضحة لا تحتمل التآويل ، وهذا معنى (آياتٍ مُفَصَّلاتٍ).
أما هم فاستكبروا وعاندوا ولم يعتبروا بعد هذا كله ، وكانوا قوما مجرمين.
وهذه الآيات تشير أولا إلى ربط الأسباب بالمسببات على حسب مشيئته تعالى. وثانيا إلى أن الآفات التي تصيب الزرع فتهلكه والثمر فتنقصه هذا كله بسبب أعمال الناس فمن أعمالنا سلط علينا ، وما الآفات التي يرسلها الله كل عام علينا ببعيدة ، وحذار أن تقولوا : نحن لا نستحق هذا ، فاعتبروا يا أولى الأبصار ، وفقنا الله للخير.
عاقبة الكفر وخلف الوعد
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٣٦)