والآية الكريمة على اختصارها جمعت أنواع الإعداد للجيوش التي تتلاءم مع كل عصر وزمن (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
فالإعداد الأدبى ، والمادي ، والإدارى ، والفنى ، والمالى ، مع الحث على ذلك كله بالثواب الجزيل والعطاء الكثير كل ذلك في الآية الشريفة ، ولقد فرض القرآن علينا الإعداد بأنواعه (وَأَعِدُّوا) ، وأن نبذل فيه أكثر جهودنا وأن نقدم النفس والنفيس ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
ولم تغفل الآية الإعداد في وقت السلم حتى يكون الجيش على أتم استعداد في كل وقت (كلما سمعوا هيعة طاروا إليها) فأمرنا بإعداد الخيل المرابطة في الثغور لمقابلة العدو ليلا ونهارا.
ولقد ذكرت الآية سبب الإعداد وهو إرهاب العدو الظاهر والعدو الخفى ما نعلمه ، وما لا نعلمه.
ولم يكن هناك إعداد ونصر إلا بالمال ، ولا سبيل إليه إلا بالإنفاق المطلق كل على قدر طاقته وإيمانه مع حقنا على التسابق فيه والعمل على إحراز ثوابه الكبير المعد لنا يوم القيامة.
ولا يمكن أن تقوم أمة بهذا الإعداد الكامل ثم تظلم من جيرانها أبدا ، وأنتم لا تظلمون كذلك في الآخرة (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ ، وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) [سورة البقرة آية ٢٧٣].
والخيل في العصر القديم كانت عنوان الرهبة للأعداء ، ولا تزال لها مكانتها في العصر الحديث لهذا ذكرت ، وإن كانت الآية تدعو لإعداد المستطاع المناسب من كل قوة صالحة.
الميل إلى السلام ، وتقوية الروح المعنوية في الجيش
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)