المعنى :
الأمر والشأن ذلك الذي ذكر من أحكام الحج وحدوده ، وهذا أسلوب عربي سليم ، إذ للكاتب حيث قدم جملة أو فصلا من كتابه أن يقول : ذلك والمراد تنبه إليه واحفظه ، واعتن بذلك المذكور فالأمر ذلك.
ومن يعظم حرمات الله ، ويعمل على أنها واجبة الحفظ والمراعاة ، ويقوم بحفظها ورعايتها وعدم انتهاكها ـ وحرمات الله هي مالا يحل هتكه ، وجميع ما كلفنا الله ـ تعالى ـ بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرها ـ فالتعظيم خير له عند ربه من التهاون في شيء منها ، وليس المعنى على التفصيل بين التعظيم وغيره بل المراد الوعد الصادق بالخير.
والحج ركن جمع بين العبادة البدنية والمالية ، ففيه نسك وذبح وإهداء ، ولذا ناسب أن يبين ما يحل ذبحه وأكل لحمه وما لا يحل فقال :
وأحلت لكم الأنعام أن تذبحوها وتأكلوا لحمها إلا ما يتلى عليكم في الكتاب من المحرمات كالتي ذكرت في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) [سورة المائدة آية ٣].
والمعنى أن الله قد أحل لكم الأنعام فكلوها ، وحرم عليكم الميتة والموقوذة إلى آخر ما هو معروف فحافظوا على الحدود ، وإياكم أن تحرموا مما أحل الله شيئا كتحريم عبدة الأوثان البحيرة. والسائبة. والوصيلة (قد سبق معرفتها في سورة المائدة آية ١٠٣) وإياكم أن تحلوا شيئا مما حرمه الله كما أحلوا الموقوذة والنطيحة وغير ذلك ..
ولما حث على تعظيم حرمات الله ببيان أن مراعاتها وامتثال الأمر فيها خير لصاحبها أتبعه بالأمر باجتناب الأوثان وقول الزور.
إذ توحيد الله ـ سبحانه ـ ونفى الشركاء عنه ، وصدق القول ، والبعد عن الزور كل ذلك من أعظم الحرمات وأهمها.
وانظر إلى جمع القرآن الشرك مع قول الزور في سلك واحد!! ولا غرابة فالشرك صورة من صور الزور إذ المشرك يزعم أن الوثن يستحق العبادة ، وأنه شريك للباري ،