وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٣٦))
المفردات :
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) كيف تصرفون عن الإيمان إلى غيره ، (حَقَّتْ) ثبتت (تُؤْفَكُونَ) تصرفون عن الحق إلى الباطل (لا يَهِدِّي) أي : لا يهتدى وهذا احتجاج أخر على المشركين بأسلوب آخر ، وهو يقتضى إثبات التوحيد والبعث ، وذم الظن الذي لا يغنى بدل الحق شيئا.
المعنى :
قل يا أيها الرسول : لهؤلاء المشركين مع الله غيره : من يرزقكم من السماء والأرض؟! من ينزل من السماء المطر؟ ومن يحيى الأرض بالنبات الذي تأكلون منه أنتم وأنعامكم؟
أم من يملك السمع والأبصار؟ أم بمعنى بل ـ للإضراب الانتقالى من سؤال إلى آخر ـ والمعنى بل قل لهم : من يملك السمع والأبصار؟! من يملك خلقهما على هذا النمط البديع والتركيب الغريب؟ ومن يملك حفظهما من الآفات؟ ولقد خص السمع والبصر لأنهما طريق العلم والإدراك؟ وفي جهاز السمع والبصر الأعاجيب.
ومن يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي؟ ولقد كان القدامى يفهمون الآية فهما بسيطا. فالله يخرج الإنسان من النطفة والطائر من البيضة ، ويخرج النطفة من الإنسان ، والبيضة من الطائر ، وكانوا يفهمون أن النطفة والبيضة ميتة لا حياة فيها ، وهذا الفهم صحيح إذا اعتبرنا أن البيضة وإن تكن فيها حياة فهي حياة خاصة ليس فيها حركة ولا نمو.
والعلماء المحدثون يقولون : إن في البيضة والنطفة حياة بل في البذور حياة ، والمثل الصحيح أن الغذاء بعد دخوله النار ميت بلا شك ، وهو يكون الدم ومنه المنى فهذا