ليشرف على أطراف المملكة الواسعة الأرجاء ، والشعب كان مشغولا بالبناء والصناعة وتأسيس الدور والمعابد ، ولذلك من الله عليه بإذابة النحاس له ، وتسخير الجن يعملون له ما يشاء من محاريب ، وتماثيل ، وقصاع كالجوابى ، وقدور واسعة ثقيلة لا تنقل بل هي راسيات كالجبال.
وكانت الجن تعمل بين يديه ما يريده بإذن ربه ، وهي مهددة فمن يزغ منهم عن أمر الله : يملّ عنه يذقه عذابا شديدا من عذاب السعير.
فيا آل داود : هذه بعض نعم الله عليكم ، وهي نعم سابغة كثيرة ، ومن أعطى هذا فليعمل لله شكرا ، وقليل من عباده الشكور ، نعم قليل ما هم ، فقليل من تصفو نفسه ويطهر قلبه ، ويقابل الإحسان بالشكر والنعمة بالحمد «إن الإنسان لربه لكنود».
وخذوا أيها الناس العبرة من داود وسليمان ، عبدا ربهما وشكرا وأخلصا فمن الله عليهما بالنعم التي لا تحصى ، وأجرى على أيديهما المعجزات.
فلما قضينا على سليمان بالموت ، وحكمنا عليه به ، ما دل الجن التي كانت تعمل مسخرة تحت أمره على موته إلا دويبة صغيرة كانت تأكل من عصاه فسقط على الأرض بعد موته بسنة ـ كما ورد ـ.
فلما سقط تبينت الجن أمر موته ، وتبين لهم وللناس أنهم لا يعلمون الغيب ولو أنهم يعلمونه لعلموا بموته ولما لبثوا في العذاب المهين الذي هم فيه ، وهو عذاب التسخير ، ومن هنا يمكننا أن نتبصر فيما يقال عن الجن وعلمهم الغيب حتى لا نكون فريسة لأوهام المضللين الفسقة.
فاعتبروا يا أولى الأبصار بتلك القصص فإنها عبرة وعظة.
قصة سبأ وسيل العرم
لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ