هؤلاء الكفار تحزبوا ضد النبي والمؤمنين ، وبالغوا في إظهار العداوة للنبي وصحبه وهم قلة بالنسبة لهم ، فأراد ربك أن يطمئن خاطر المسلمين ويشد أزرهم ببيان أن معهم أشرف الخلق ، من الملائكة الأطهار ، يدعون لهم ويستغفرون ، وذلك بلا شك هو الفوز العظيم ، فقال ما معناه :
الذين يحملون عرش ربك ، ومن حوله حافين به وهم في خدمته ، ورهن إشارته ، والقائمون بحفظه وتنفيذ أمر ربهم هؤلاء يسبحون حامدين منزهين ربهم عن كل ما لا يليق بشأنه الجليل ، ويؤمنون به إيمانا حقيقيا كاملا بظهر الغيب. ويستغفرون للذين آمنوا قائلين : ربنا وسعت رحمتك وعلمك كل شيء ، وإنما عدل عن هذه العبارة إلى ما في النظم الكريم للمبالغة. ربنا فاغفر للذين تابوا إليك ، واتبعوا سبيلك الحق وهو الإسلام ، وقهم عذاب الجحيم ، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ، وأدخل معهم من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ليتم سرورهم ، ويضاعف ابتهاجهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور ٢١] ، وقهم السيئات ، واحفظهم من المكروه والآلام كلها يوم القيامة ، ومن يتق السيئات يومئذ يقوم الناس لرب العالمين لقد رحمته بدخول الجنة وذلك هو الفوز العظيم.
ومن أهوال يوم القيامة
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ