سفلى ، وقد فعل ربك ذلك ليوفيهم جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا ، وهم لا يظلمون شيئا بنقص ثواب وزيادة عقاب.
واذكر يوم يعرض الذين كفروا على النار ، ويعذبون بها غدوّا وعشيّا ، ويقال لهم تأنيبا وتوبيخا : أنتم أذهبتم طيباتكم وملذاتكم في الحياة الدنيا ، واستنفدتم حقكم فيها (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) فاليوم تجزون عذاب الهون والهوان ، العذاب الذي جعل للمستكبرين المتغطرسين ليذل تلك الأنوف التي طالما شمخت بغير حق ، ويخضع تلك الرءوس التي طالما تعالت في سبيل الشيطان ، كل ذلك بسبب ما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق ، وانظر إلى قوله : (تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ) نعم وهل يكون التكبر والتعالي إلا في الأرض وبالمادة الحقيرة! وبسبب ما كنتم تفسقون كان جزاؤكم ...
وإذا نظرنا إلى قوله تعالى : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) وقد وضعت للنعى على الكفار الذين يعذبون بالنار مع قوله : «واستمتعتم بها» أمكننا أن نفهم أن هناك فرقا بين هذه الآية وبين قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [سورة المائدة آية ٧٨]. (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) [الأعراف ٣٢].
إذ الآية التي نحن بصددها تشير إلى أن الكفار تمتعوا بطيباتهم وملذاتهم واتبعوا شهواتهم وأفنوا شبابهم في الإثم والفسوق والعصيان والاعتداء وتجاوز الحدود ، أما الآيات الأخرى فهي تبيح للمسلم أن يتمتع بطيبات الرزق مع عدم الاعتداء وتجاوز الحد في أى ناحية سواء كانت اقتصادية أم خلقية أم دينية ، أقول هذا لأنى رأيت كثيرا من المفسرين ذكروا قصصا تفيد أن الإسلام يحارب التمتع بالرزق الحلال مستندين إلى ظاهر هذه الآية والله أعلم بكتابه.
قصة نبي الله هود مع قومه عاد
وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ