سورة الفتح
وهي مدنية بالإجماع. وعدد آياتها تسع وعشرون آية. ونزلت ليلا بين مكة والمدينة في شأن صلح الحديبية.
خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المدينة في ذي القعدة من السنة السادسة معتمرا (زائرا للبيت) لا يريد حربا ، وإنما هو مشتاق إلى رؤية بلده الحبيب ، خرج ومعه حوالى ١٥٠٠ من المهاجرين والأنصار ومن دخل في الإسلام من الأعراب وساق معه الهدى ـ ما يهدى إلى الحرم من النعم ـ وأحرم بالعمرة من (ذي الحليفة) وخرج معه من نسائه أم سلمة ـ رضى الله عنها ـ ولم يكن مع رسول الله وصحبه إلا سلاح المسافر : السيوف في القرب ، فلما أصبح على مرحلتين من مكة لقيه بشر بن سفيان الكعبي قائلا : يا رسول الله هذه قريش علمت بمسيرك فخرجوا ومعهم العوذ المطافيل (النوق ذات اللبن والأولاد) أى : خرجوا عازمين على طول الإقامة ، وقد نزلوا بذي طوى يحلفون بالله لا تدخلها عليهم أبدا. وأخذت الرسل من قبل قريش تفاوض رسول الله وقد أرسل رسول الله في هذه الأثناء إلى قريش عثمان بن عفان يبلغهم قصد رسول الله وأنه لا يريد إلا العمرة ، وفي غيبة عثمان في مكة مفاوضا أشيع أنه قتل ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسلمين إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت شجرة الرضوان ، روى سلمة بن الأكوع ـ رضى الله عنه ـ قائلا : بايعناه وبايعه الناس على عدم الفرار ، وأنه إما الفتح وإما الشهادة.
علمت قريش بهذا فأرسلت سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، وقد تم ذلك وسمى صلح الحديبية ، وخلاصة شروطه : أن يكف الفريقان عن الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس فلا قتال ولا اعتداء ، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يرده عليه ، وأن بين القوم عيبة مكفوفة ، وأن من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده من القبائل دخل فيه. ومن أراد أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، وقد سارعت خزاعة فدخلت في عقد محمد وحالفته ، وتواثبت بنو بكر فقالوا : نحن في عهد قريش وعقدهم ؛ هذا على أن المسلمين يرجعون عن مكة