واذكر يوم نقول لجهنم : هل امتلأت جوانبك الفسيحة بمن دخلك من المذنبين؟ فتقول جوابا على هذا السؤال : هل من زيادة.
أى : لا أسع أكثر من ذلك فإنى قد امتلأت (١).
ثم لما فرغ من بيان حال الكفار شرع في بيان حال المؤمنين يوم القيامة فقال ما معناه : وأزلفت الجنة وقربت للمتقين تقريبا غير بعيد فهم يشاهدونها ويرون فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ويقال لهم : هذا ما توعدون أيها المتقون فهو لكم ولكل أواب كثير التوبة والرجوع إلى الله ؛ محافظ على حدوده ومحارمه لا يقربها ، وهو من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ، ويقال للمتقين : ادخلوها بسلام ، أى : سالمين من كل خوف ، ذلك يوم الخلود ، لهم فيها ما يشاءون ، وما يدعون ، ولدي ربك الكريم مزيد من الفضل والإكرام.
«وبعد» : أليس في ذكر أحوال يوم القيامة ، وما يلاقيه الإنسان فيها ، جزاء على أعماله التي تحصيها الملائكة الكرام الكاتبون ، بعد تصدير الآية بما يثبت لله القدرة القادرة والعلم التام بكل شيء أليس هذا كله مما يثبت عقيدة البعث ، ويقوى الإيمان به؟ ويدعو إلى اقتفاء أثر المؤمنين به الذين ينعمون في الجنة التي أعدت لهم ، وعند ربك فوق هذا كله مزيد من الفضل والإحسان لمن يؤمن بالله واليوم الآخر.
تهديد لمنكري البعث وختام السورة
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا
__________________
١ ـ الاستفهام الأول للتقرير ، فالله يقررها بأنها امتلأت ، أى : يجعلها تقر بذلك ، والاستفهام الثاني بمعنى النفي ، وهو جواب الاستفهام الأول.