وفك رهنه ، وإن لم يكن كذلك فهو مرهون (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (١) ولعل وجه وضع هذه الآية هنا للإشارة إلى أن المؤمنين فكوا رقابهم ، وغيرهم لا زال أسيرا بعمله السيئ ، على أنه مناسب لعدم نقصان الآباء شيئا من عملهم.
وأمددنا المتقين بفاكهة ولحم مما يشتهون ، أى : وزدناهم على ما كان لهم من أصل التنعيم شيئا فشيئا ووقتا فوقتا حالة كونهم يتنازعون الكأس ، ويتجاذبونها ، هم وجلساؤهم في الجنة كما يفعل الندامى على خمر الدنيا ، ولكن لا لغو في شرب هذه الخمر ولا تأثيم فيها (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٢) ويطوف عليهم بالكأس غلمان لهم ممتعون بالنعيم كخدم الملوك كأنهم لؤلؤ مكنون من البياض والصفاء ، وهم في الجنة يتساءلون ويتجاذبون أطراف الحديث عن ماضيهم ولقد قالوا : إنا كنا قبل ذلك في أهلنا مشفقين أرقاء القلوب خائفين من عذاب الله ، ومن هول ذلك اليوم ، فمن الله علينا ، وهدانا ووفقنا إلى العمل الصالح ، ووقانا بفضله عذاب السموم ، والسبب أنا كنا من قبل ندعوه وحده ، ونعبده لا شريك له ، إنه هو البر الرحيم ، المحسن الكريم ذو الفضل العميم سبحانه وتعالى.
نقاش الكفار في معتقداتهم وختام السورة
فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا
__________________
١ ـ سورة المدثر الآيتان ٣٨ و ٣٩.
٢ ـ سورة الصافات آية ٤٧.