وأن ما قدر لا بد أن يكون .. قاتل بقلب المؤمن الواثق في الله ، وأنفق عن سعة واثقا أن في السماء الرزق ، وأن الجود لا يفقر ، وأن الإقدام لا يقتل إذ الأمر كله لله (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) (١) ما أصابتكم مصيبة في الأرض أيا كان نوعها من جدب أو هلاك حرث أو نسل أو إصابة في أنفسكم كمرض أو قتل أو فقر ، ما أصابت الخلق إصابة إلا كانت في كتاب من قبل أن نخلقها ، وتظهر للعيان ، فالدنيا رواية تظهر على الخيالة ، ولكنها أعدت من قبل أن يخلق الخلق ، إن ذلك كله على الله يسير.
أخبركم الحق ـ تبارك وتعالى ـ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ، ولا تفرحوا بما آتاكم ، فإن من علم أن ما قدر أزلا لا بد من حصوله حتما لم يفرح لشيء لم يكن ليخطئه ، ولا يحزن على شيء لم يكن ليدركه ، فالمؤمن عند المصيبة يصبر ، ومع الغنيمة يشكر ، والفرح والحزن المنهي عنهما هما اللذان يتعدى فيهما إلى ما لا يجوز ، والله لا يحب كل متكبر مغتر بنفسه ، فخور بماله أو جاهه على الناس ؛ فإن النعمة من الله لا من نفسه.
والمختال الفخور غالبا يكون بخيلا لأنه لا يرى لغيره حقا عليه ، على أنه شحيح النفس قصير العقل ويأمر الناس بالبخل ، وينهاهم عن البذل ، ومن يعرض عن تلك الأدوية الإلهية ، فإن الله هو الغنى عنه ، المحمود في السماء والأرض فليس في حاجة إليه.
أسس الحكم في الإسلام
لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)
__________________
١ ـ سورة النساء آية ٧٨.