المسلمون وصالحوهم على أن يخرجوا من ديارهم ، ولكل ثلاثة منهم بعير ، يحملون عليه ما شاءوا من مال أو طعام أو شراب ليس لهم غيره ، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم ليأخذوا ما غلا ثمنه وخف حمله (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) وتفكروا في عاقبة من خاف الله ورسوله ، ومن لم يخف الله ورسوله!!
ولو لا أن كتب الله عليهم هذا الجلاء لكان لهم عذاب في الدنيا أشد ، وهو القتل والأسر ، ولهم في الآخرة على كفرهم عذاب النار.
ذلك كله بسبب أنهم شاقوا الله ورسوله وعادوه ، وأرادوا قتله ، وأطلقوا عليه ألسنتهم وأيديهم بالسوء ، ومن يشاقق الله ورسوله ، فإن الله شديد العقاب ، وانظر إلى القرآن حيث جعل عداوة الرسول عداوة لله ، كما أن طاعته كذلك.
وقد كان المسلمون أثناء الحصار يقطعون نخيلهم ويحرقونه ، فقيل : إن هذا سعى في الأرض بالفساد والله حرمه ، فأجاب العزيز الحكيم بقوله : ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها كما هي بلا قطع فذلك كله بإذن الله وأمره ، وفي هذا خير بلا شك ، والله أمر بهذا ليعز المؤمنين ، وليذل ويخزى الفاسقين.
الفيء وحكمه
وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما