أما الدنيا فأمرها سهل هين جدّا إذ هي ليست دار جزاء ولا مثوبة ، ولكنها دار عمل وتعب ، وقد تكون محل ابتلاء واختبار بنزول المصائب والمحن على بعض الناس.
ومن يؤمن بالله ، ويعتقد هذا فإن الله هاديه إلى الحق والصواب من الصبر والثبات ، والرجوع إلى الله ، ولذلك يبيت هادئ النفس قرير العين مستريح القلب ، والله بكل شيء عليم ، وغير المؤمن إذا نزل به حادث أو ألمت به مصيبة ضجر وجزع ، وأصابه الغم والكرب ، وقضاء الله نافذ على الجميع.
وما علينا إلا أن نطيع الله ورسوله في كل أمر ونهى فهذا هو العلاج الناجع ، والدواء الصادق ، فإن تولى البعض وأعرض فإنما حسابه على ربه ، وما على الرسول إلا البلاغ المبين ، فالله وحده هو الإله المقصود في كل شيء الذي له الملك وإليه يرجع الأمر كله فعليه وحده يتوكل المؤمنون ...
أما الفهم الصحيح السليم للأزواج والأولاد ، وللأهل والأموال فقد تكفلت الآيات : ١٤ ، ١٥. إلى آخر السورة بذلك ؛ فقد روى أن عوف بن مالك الأشجعى كان ذا أهل وولد ، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه وقالوا : إلى من تدعنا؟ فيرق فيقيم فنزلت الآية .. وفي رواية أنها نزلت في رجال أسلموا بمكة ، وأرادوا أن يأتوا النبي صلىاللهعليهوسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتون النبي صلىاللهعليهوسلم فلما أتوا النبي ورأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
يا أيها الذين آمنوا إن بعض أزواجكم وأولادكم عدوّا لكم ، حيث يفعلون معكم فعل العدو ، ويكونون حجر عثرة أمامكم يمنعونكم من فعل الخيرات ، وقد يدعونكم إلى ارتكاب الذنوب والآثام في سبيل راحتهم والحرص على سعادتهم ، ألست معى في أن من يفعل معى فعل العدو ، ويمنعني عن الخير الذي ينفعني ، ويحملني على فعل المعاصي يكون عدّوا لي ، ولو كان زوجا أو ابنا أو غيرهما؟ إذا كان الأمر كذلك فاحذروهم ، وقوا أنفسكم من شرورهم وآثامهم إن كانت لهم.
ولكنهم من أهلك وذوى قرابتك فالمطلوب منك أن تحذر ما يوقعك في الشر فقط ، ثم تعفو وتصفح وتغفر ، فإنك إن تعف وتصفح وتغفر يعف عنك الله ، إن الله غفور رحيم.