للمكذبين ، هذا يوم لا ينطق فيه الكافر بما ينفعه أصلا ، أو عند ذلك لا يتكلم أبدا ، ولا يؤذن له فيعتذر (١) ويل يومئذ للمكذبين.
هذا يوم الفصل ، والقضاء بالعدل ، هذا يوم جمعناكم فيه مع الأولين السابقين لكم في الزمن أو المكانة ، فهل تستطيعون أن تفلتوا؟! فإن كان لكم كيد به تستطيعون شيئا فافعلوا وكيدوني ، يا ويلكم أيها المكذبون! وويل يومئذ للمكذبين!!
حال المتقين : إن المتقين الذين اتقوا ربهم وخافوا يوما كان شره مستطيرا هم في ظلال وعيون ، أى : قريبون من العيون ، تجرى من تحتهم الأنهار فلا يتعبون ، وعندهم فواكه كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ، فواكه مما يشتهون ، ويقال لهم تكريما : كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ، ولا غرابة في ذلك ، إنا كذلك نجزى المحسنين ، ويل يومئذ للمكذبين الذين يقال لهم في الدنيا : كلوا كما تأكل الأنعام ، وتمتعوا قليلا فإنا نستدرجكم إلى يوم الدين ، كلوا وتمتعوا بدنياكم ، وغدا حسابكم إنكم مجرمون ، ويل يومئذ للمكذبين ، وكان من سوءاتهم أنه إذا قيل لهم : اركعوا لله ربكم ، واعبدوه وحده ، ولا تشركوا به شيئا لا يركعون ، وقيل : المراد بالركوع ركوع الصلاة.
ويل يومئذ للمكذبين! الويل لهم والهلاك لهم والثبور ، حيث لم يشكروا النعم ولم يخافوا النقم فالويل لهم ثم الويل لهم!!
إذا كان الأمر كذلك وأنهم لم يؤمنوا بهذا الحديث العجيب ، فبأى حديث بعده يؤمنون؟؟ إذ هو الكتاب الكامل الذي جمع فأوعى ، وهكذا المغضوب عليهم يقضون حياتهم لا ينتفعون بحكمة ولا يهتدون بنور.
__________________
(١) قرئت بالرفع لأن نصبها يشعر بأنهم قد يعتذرون لو أذن لهم ، والقرآن يريد لمن يصفهم أنهم لا يعتذرون أصلا أو لم يؤذن لهم.