الإتيان بما يسبب الهلاك والخسران. (وَتَقْواها) : التقوى (دَسَّاها) : النقص والإخفاء ، ومن سلك طريق الشر والمعصية فقد أنقص نفسه عن مرتبة الكمال. (بِطَغْواها) : بسبب طغيانها. (انْبَعَثَ) : أسرع. (وَسُقْياها) : شربها الخاص بها. (فَدَمْدَمَ) : أطبق عليهم. (فَسَوَّاها) أى : سوى عليهم الأرض ، أو لم يفرق بين واحد منهم وواحد.
المعنى :
أقسم الحق ـ تبارك وتعالى ـ بالشمس على أنها كوكب سيار مع ضخامتها وكبر حجمها وقوة ضوئها ، وبضحاها ، أى : ضوئها وحرها ، وهما مصدر الحياة ، ومبعث الحركة ، ومنبع نور الكون في النهار والليل ، وأقسم بالقمر إذا تلاها في ارتباط مصالح الناس به ، وتبيين المواقيت ، وإضاءة الكون ، ومن هنا كان حساب السنين إما بالسنة الشمسية أو بالسنة القمرية ، والقمر يتلو الشمس ولأنه يستمد نوره منها ، والغريب أن هذا الرأى لبعض العلماء القدامى ، وجاء العلم مؤيدا له ، وأقسم بالنهار إذا جلاها ، أى : أظهر الشمس وأتم نورها ، والنهار من الشمس ، وكلما كان أجلى كانت الشمس كذلك لأن قوة الأثر تدل على قوة المؤثر فصح بهذا قوله ـ جل شأنه ـ : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) ترى أن الله أقسم بالضوء الذي يعم الكون عن طريق مباشر كما في الشمس أو عن طريق غير مباشر كما في القمر ، وبالنهار الذي هو زمانه ، ثم بعد ذلك أقسم بالليل إذا يغشى الشمس ويستر ضوءها عنا فالنهار يظهرها ، والليل يسترها ، فسبحان من خلق هذا ، وإذا كانت الشمس يجليها النهار ويسترها الليل هل يعقل أن تعبد وتكون إلها؟!
وأقسم بالسماء وعوالمها وقد بناها الله وأحكم رباطها ، وقوى جاذبيتها فلا ترى فيها خللا ولا عوجا لأنها صنعة الحكيم القادر. وأقسم بالأرض وما طحاها ، أى : بسطها في نظر العين ووسعها ليعيش عليها الخلق ، وأقسم بالنفس (١) والذي سواها وأحكم
__________________
(١) اختلف العلماء في (ما) هذه ، فقيل : مصدرية ، والأحسن أنها موصولة ، والمراد الوصف لا الذات ، ولذا حسن التعبير (بما) دون (من).