وقال السرخسي في المبسوط ج ١٦ ص ٨٩ :
(وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم العبرانية وكان يترجم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عمن كان يتكلم بين يديه بتلك اللغة) انتهى.
وهكذا نسج الآخرون على منوال البخاري وأحمد ورووا أن النبي صلىاللهعليهوآله أمر زيدا أن يتعلم العبرية فتعلمها قراءة وكتابة في أسبوعين ، وفسر المحللون ذلك بمعجزة للنبي صلىاللهعليهوآله أو بكرامة لزيد ، وذكائه المفرط!
وقد تقدمت شهادة ابن مسعود وأبيّ بن كعب بأن زيدا درس من صغره عند كتاتيب اليهود .. ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله لم يكن يحتاج الى كاتب بالعبرية ، فاليهود الذين في الجزيرة كانوا يكتبون رسائلهم للعرب بالعربية! فلا بد أن يكون هدف زيد من هذه الرواية تبرير معرفته باللغة العبرية وإجادته الكتابة بها ، بأن ذلك كان بأمر النبي ومن أجله صلىاللهعليهوآله! وهو أمر يوجب المزيد من الشك في أصله!
هذا بناء على عقيدة إخواننا السنة بالنبي صلىاللهعليهوآله ، أما نحن الشيعة فنعتقد أن النبي ، أي نبي ، وكذا الإمام ، حجة الله تعالى على خلقه .. ومن أول شروط الحجة أن يعرف لغة المحتج عليه .. وبذلك صرحت أحاديثنا الصحيحة عن النبي وآله صلىاللهعليهوآله بأن نبينا وأوصياءه يعرفون كل ما يحتاجون اليه من لغات الناس في عصرهم ، ولا حاجة لهم الى زيد وعمرو ليترجموا لهم!
الأحاديث التي رووها في فضل زيد وعلمه
وعلى عادة المؤرخين لشخصيات السلطة ، حاولوا أن يجدوا تاريخا جهاديا لزيد مع النبي صلىاللهعليهوآله ، فقالوا إنه أراد أن يشترك في بدر فاستصغر النبي سنه ، ثم صار في الخندق غلاما ينقل التراب .. وقالوا إن النبي أعطاه راية بني النجار في تبوك التي لم يكن فيها حرب ، ولعلهم جعلوه بدل زيد بن حارثة ، كما جعلوا أباه بدل أحد الصحابة ..