أما التأويل الصحيح فليس تحريفا ولا تأويلا مذموما ، بل هو علم الكتاب المخصوص بأهله الراسخين في العلم ، الذين آتاهم الله تعالى الكتاب والحكمة وعلمهم تأويل الأحاديث. وهم عندنا عترة النبي صلىاللهعليهوآله الذين نص عليهم. واختلف إخواننا السنة في تحديد الراسخين في العلم الذين عندهم علم الكتاب ، فادعاه بعضهم لبعض الصحابة ، ونفى بعضهم وجودهم في الأمة ، حتى أنه لما رأى أن قوله تعالى قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب لا يمكن تفسيرها بغير علي ، حرّف الآية وقرأ (من) فيها بالكسر ، فقال (ومن عنده علم الكتاب) ليكون المعنى : وعند الله علم الكتاب!
معنى المصادر المعتمدة
يختلف معنى المصادر المعتمدة في الحديث والتفسير والتاريخ والفقه عندنا عن معناه عند إخواننا السنة ، فروايات مصادرنا المعتمدة وفتاواها جميعا قابلة للبحث العلمي والاجتهاد عندنا .. ولكل رواية في هذه المصادر أو رأي أو فتوى ، شخصيتها العلمية المستقلة ، ولا بد أن تخضع للبحث العلمي.
أما إخواننا السنيون فيرون أن مصادرهم المعتمدة فوق البحث العلمي ، فصحيح البخاري عندهم كتاب معصوم ، كله صحيح من الجلد الى الجلد ، بل أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى ، ورواياته قطعة واحدة ، فإما أن تأخذها وتؤمن بها كلها ، أو تتركها كلها. وبمجرد أن تحكم بضعف رواية واحدة من البخاري فإنك ضعفته كله ، وخرجت عن كونك سنيا .. وصرت مخالفا للبخاري ، ولأهل السنة والجماعة!
وينتج عن هذا الفرق أن الباحث الشيعي يمكن أن يبحث جديا في رواية من كتاب الكافي ، ويتوصل الى التوقف في سندها ، أو الى الاعتقاد بضعف سندها ، فلا يفتي بها ، ولا يضر ذلك في إيمانه وتشيعه .. بينما السني محروم من ذلك ، وإن فعل صدرت فيه فتاوى الخروج عن المذاهب الأربعة ، وقد يتهم بالرفض ومعاداة الصحابة!