قوله تعالى
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) [البقرة ١١ ، ١٢]
ظاهر أقوال المفسرين أنها واردة في المنافقين ، وقيل : في اليهود.
قيل : الفساد بصدهم عن الحق ، ودعائهم إلى الباطل ، وقيل :
بتحريف الكتاب ، وتبديل الملة ، وقيل : لأن في كفرهم توهينا للإسلام ، ونصرة للكافرين ، وسميت المعصية فسادا ؛ لأنها توجب الهلاك (١) ؛ ولأنها تحبس القطر وفي ذلك فساد الأرض
وقوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) [البقرة : ١٢] مع حصول الفساد من غيرهم ؛ لأن فعلهم أعظم الفساد.
الثمرة : إن قيل : قد جعلهم الله تعالى مفسدين فهل يكون حدهم حد الساعي في الأرض فسادا الوارد في قوله تعالى في سورة المائدة : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [المائدة : ٣٣]؟
قلنا الظاهر خلاف ذلك لوجهين :
الأول : أن الآية في المنافقين على أظهر ما قيل ، ولم يعرف أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم في أحد منهم بحد المحارب.
الثاني : أن حد المحارب متعلق بوصفين :
الأول : المحاربة لله تعالى ، والمراد به لأوليائه.
__________________
(١) الأخروي.