الثاني : السعي في الأرض بالفساد ، والمراد فسادا مخصوصا ، فكأن الآية مجملة ، وفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بيان لها.
قوله تعالى
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : ٢١]
الثمرة من هذه الآية حكمان :
الأول : أن الكفار مخاطبون بالواجبات الشرعية لعموم قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) وذلك عام في كل مكلف ، مع أنه روي عن ابن عباس ، والحسن : أن ما في القرآن من : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) نزل بمكة ، وما فيه من (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نزل بالمدينة.
وهذا القول ذهب إليه أكثر العلماء من أهل البيت عليهمالسلام ، والمعتزلة ، والشافعي ، ولعموم قوله تعالى في سورة الفرقان بعد ذكر المحرمات : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) [الفرقان : ٦٨] ولقوله تعالى في سورة المدثر : (قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر : ٤٣] فكان العقاب على ترك الواجب ، وفعل القبيح.
وقالت الحنفية ، ومالك ، وأبو حامد من أصحاب الشافعي : إن الكفار غير مخاطبين بالواجبات الشرعية ، ويجعلون هذه العمومات مخصصة بوجهين :
الأول : أنه قد ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسل بعض رسله إلى قوم من المشركين ، وقال ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فإن أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله تعالى