الباقي ، وعن أبي الحسن : إن خص بدليل متصل (١) كان حقيقة في الباقي ، وإن خص بدليل منفصل كان مجازا في الباقي.
وقال قاضي القضاة : يكون مجازا إلا أن يخصص بشرط أو صفة إلى غير ذلك من الأقوال التي تضمن التفصيل.
قوله تعالى
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ٣٠]
الثمرة من ذلك : أخذ من الآية الكريمة أربعة أحكام.
الأول : أن الله سبحانه أرشد عباده إلى طلب الرأي من الثقات والنصّاح قبل أن يقدموا على الأمور ، وإن كان سبحانه غنيا عن المشاورة ، والاستدلال على هذا الحكم صريح في قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران : ١٥٩].
الحكم الثاني : الاحتياط ، والحذر ، والحفظ للمؤمن عن مواقعة المحذور ؛ لأن أحد تأويلي أهل التفسير أن الله تعالى إنما أخبرهم بذلك ليسألوا ويجابوا ، فيعرفوا حكمته صيانة لهم عن وقوع الشبهة في استخلافه ، ويلزم الاقتداء بالملائكة عليهمالسلام في السؤال عن حل الشبهة.
الحكم الثالث : جواز إطلاق اسم الخليفة على من يخلف غيره ؛ لأن الملائكة عليهمالسلام كانوا سكان الأرض فخلفهم فيها آدم وذريته ،
__________________
(١) والمتصل : ما يخرج المذكور ، وهو أمران : أحدهما ـ الاستثناء المتصل ، نحو أكرم الناس إلا الجهال ، والثاني : الغاية. ومنه ما يخرج غيره ، أي : غير المذكور ، وهو الشرط ، والصفة ، وبدل البعض.