والأفكار الصالحة التي هي أجل الأعمال ، وأعظم الطاعات ، وإنما جرى ما جرى تفظيعا لحال الخطيئة ، ليكون لطفا له ولذريته في اجتناب الخطايا ، وأنه إذا أخرج من الجنة بخطيئة واحدة ، فكيف يدخلها ذو خطايا جمة. شعرا :
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي |
|
درج الجنان بها وفوز العابد |
أنسيت أن الله أخرج آدم |
|
منها إلى الدنيا بذنب واحد |
وعن ابن عباس : «أنهما بكيا مائتي سنة» ، وعن بعضهم : «لما أهبطا لم يرفع آدم رأسه ثلاثمائة سنة من الحياء».
واختلف العلماء في من تاب ثم واقع المعصية ، هل يعود العقاب أم لا (١)؟ وفي من ارتكب كبيرة ثم تاب هل يعود ما أبطلته الكبيرة من الثواب؟ فقيل : يعود العقاب والثواب ، والظاهر من كلام المتكلمين أنهما لا يعودان ، وقال أبو القاسم : يعود الثواب لا العقاب (٢).
وكذلك اختلفوا في من تاب من ذهب مع الإقامة على غيره ، فصحح ذلك أبو علي ، والمؤيد بالله ، والمنصور بالله ، ومنع منه أبو هاشم.
قوله تعالى
(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة : ٤١ ـ ٤٣]
__________________
(١) بشر بن المعتمر : يعود عقاب الأولى. قلنا : سقط بالتوبة ، والفعل الثاني متجدد (مقدمة البحر).
(٢) وهل يتجدد الثواب في المستقبلعلى طاعاته الماضية كالمستقبلة إذ سقوط ثوابها بالماضي بالموازنة لا يصيرها كالمعدومة ، بخلاف سقوط المعصية بالتوبة ، فليس بالموازنة ، بل بالتوبة صارت كالمعدومة ، فبطلت في الحال والمآل. (مقدمة البحر).