قوله تعالى
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [البقرة : ٥٠]
قال الحاكم : هذه الآية تدل على أن هلاك الظالم نعمة ، يجب عليها الشكر ولا يجوز التأسف عليه ، وإنما قال تعالى : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) لأن هلاك العدو مع النظر أتم للسرور ، فهو نعمة ثانية.
قوله تعالى
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) [البقرة : ٥١]
قيل : لما أهلك الله تعالى فرعون ، ورجع بنوا إسرائيل إلى مصر ، ولم يكن لهم كتاب يرجعون إليه ، وعد الله تعالى موسى أن ينزل عليه التوراة ، ووعد له ميقاتا ، ذا القعدة ، وعشرا من ذي الحجة.
الثمرة من ذلك : أن الليالي إذا ذكرت دخلت فيها الأيام ، فلهذا قال تعالى : (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [البقرة : ٥١].
وقيل : لأن الشهور أولها بالليالي ، فعلى هذا إذا أوجب اعتكاف ليال دخلت فيها الأيام ، وهذه المسألة خلافية بين الفقهاء.
فمذهبنا والناصر ، وأبي حنيفة ، ومحمد : أن الأيام تدخل في إطلاق الليالي ، وكذا العكس ، وذلك في ذكر يومين أو ليلتين فصاعدا.
واحتجوا على ذلك : بأن الله سبحانه عبر عن أحدهما بالآخر ، فقال تعالى في سورة آل عمران (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) [آل عمران : ٤١] وفي سورة مريم : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [مريم : ١٠] والقصة واحدة ، فعبر بعبارتين ، يعرف أن إحداهما تفيد ما تفيده الأخرى ، ولهذا أن الله تعالى لما أراد الفرق بينهما في العدد ، ذكر