قوله تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٦٢]
قال الزمخشري : «المراد بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني : بألسنتهم لا بقلوبهم ، وهم المنافقون» (١).
فيكون قوله تعالى : (مَنْ آمَنَ) راجع إلى جميع من تقدم ، وفي ذلك دلالة على صحة توبة المنافق. وقيل : أراد بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) المؤمنين إيمانا صحيحا. وقوله : (مَنْ آمَنَ) أي : من ثبت على إيمانه في المستقبل (٢).
قوله تعالى
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) [البقرة : ٦٣]
الميثاق ، والعهد : نظائر ، قيل : والمراد بالعمل على ما في التوراة.
(وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) حتى قبلتم وأعطيتم الميثاق ، وذلك أن موسى عليهالسلام لما جاءهم بالألواح فأبوا قبول ما فيها لمشقتها ، فأمر جبريل عليهالسلام ، فقلع الطور من أصله ، ورفعه فوقهم ، فقال موسى عليهالسلام : إن قبلتم ، وإلا ألقي عليكم فقبلوا ، ولم يكن هذا إلجاء ؛ لأنه استقر مدة ولم يسقط ، فترددوا في وقوعه ، وكان ذلك كوقوف السحاب (٣).
__________________
(١) واللفظ في الكشاف (إن الذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة القلوب وهم المنافقون).
(٢) ويجوز أن يراد آمنوا : صدقوا ، وقوله (مَنْ آمَنَ) أي : جمع بين التصديق والعمل الصالح. (ح / ص).
(٣) وقال الحاكم في التهذيب (ويدل على أن رفع الطور فوقهم لم يوجب الإلجاء ، لأن التكليف باق عليهم ، وتدل أن رفع الطور فوقهم كان لطفا لهم يكونوا أقرب الى القول ، فهو بمنزلة مقاتلة الكفار).