يجوز إلى غير بدل ، وهذا مذهب الأكثر من الأئمة والفقهاء ؛ لأن المصلحة قد تكون برفع الحكم ، وقد ورد ، كنسخ الصدقة بين يدي المناجاة.
وقال بعضهم : لا بد من بدل لقوله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) أجيب بأنه تعالى لم يقل في موضع المنسوخ ، فيجوز أن يثبت حكما ما في موضع آخر (١) ، وبأن الترك والتخفيف قد يكون خيرا في المصلحة.
وهل ينسخ الحكم إلى أشق منه أم لا؟ الجمهور على جواز ذلك ؛ لأنه قد يكون خيرا في المصلحة ، وقد ورد كالتخيير في الصوم بين فعله ، وبين الفدية حيث قال تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤] ثم نسخ بتعيين الصوم بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥].
وخالف قوم من الظاهرية ، فقالوا : لا ينسخ الشيئ بأشق منه ، لقوله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) [البقرة : ١٠٦] وذلك للأيسر ، قلنا : الخير بما هو أصلح
قال الأكثر : ويجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة ، والسنة بالكتاب ؛ لأن الكل من عند الله تعالى.
قوله تعالى
(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) [البقرة ١٠٨]
السبب في نزولها :
أن بعض المشركين قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فجر لنا أنهارا نتبعك.
__________________
(١) أما هذا الجواب ففيه تسليم أنه لا بد من بدل في الجملة ، وهو محل النزاع.