الأسود : «والله لو لا أني رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبلك ما قبلتك» ولأن في ذلك تشبها بالجاهلية ؛ لأنهم كانوا يعلقون الأهداب في شجرة العشّر.
وروي أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مر عليها ، والأهداب معلقة بها ، فقيل له : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط ، يريدون كما كانت للجاهلية ذات أنواط ، وهي هذه الشجرة ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إنهم قوم يجهلون) يشير بذلك إلى المنع.
قوله تعالى
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) [البقرة : ١٠٩]
هذه الآية الكريمة دلت على قبح المحبة للمعصية ، وقبح الحسد ، وقبح العمل بما تتوق النفس إليه من غير حجة ، لقوله تعالى : (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) وعلى قبح المعاندة لقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ) وذكر ذلك في معرض الذم ، وعلى حسن العفو لقوله تعالى : (فَاعْفُوا) وعلى حسن الصبر على الأذى ؛ لأن قوله : (فَاعْفُوا) قد فسر بالإعراض ، قال ابن عباس وقتادة ، والباقر ، وأبو علي ، وجعفر بن مبشر : هذه منسوخة بآية السيف ، وقيل : ليست بمنسوخة ، والمراد بالعفو الإعراض.
وتدل على وجوب الوفاء بالعهد ؛ لأن سبب نزولها : أن فنحاص بن عازوراء ، وزيد بن قيس ، ونفرا من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان ، وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد ، لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو أفضل ، فقال عمار : كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا : شديد ، قال : فإني عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت ، وقال حذيفة : أما أنا فقد رضيت الله ربا ، وبمحمد نبيا ، وبالإسلام دينا ، وبالمؤمنين إخوانا ،