وأما العرصة : فتبقى ويحاط عليها بحائط خشية تنجيسها ، فيكون الخراب الذي منعته الآية مخصصا ، وفي قصة الخضر في خرق السفينة لئلا يأخذها الظالم دلالة على خلاف قول المنصور بالله.
الفرع الثالث : إذا أريد نقض المسجد لإعادة أوسع منه ، ودعت الحاجة إلى ذلك ، وغلب على الظن (١) القدرة على العمارة ، فقول المؤيد بالله أخيرا ، والمنصور بالله : إنه يجوز نقضه لهذا المعنى ، ولا يحل للمتولي منع الناقض ، وتبطل ولايته بالمنع ، فلا يكون هذا من الخراب المنهي عنه ؛ لأن القصد بالخراب هنا العمارة ، والترغيب في الذكر (٢).
وقول المؤيد بالله قديما : لا يجوز ؛ لأنا نجوز عجز الناقض.
قوله تعالى
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ١١٥]
[سبب النزول]
اختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية على أقوال :
الأول : ما روي بالإسناد إلى جابر بن عبد الله قال : «بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سرية كنت فيها ، فأصابتنا ظلمة ، فلم يعرف أحدنا القبلة ، فقال طائفة منا : قد عرفنا ، القبلة هاهنا ، فصلوا إلى جهة الشمال ، وخطوا خطا ، وقال بعضنا : القبلة هاهنا قبل الجنوب ، فصلوا وخطوا خطا ، فلما أصبحوا وطلعت الشمس كانت تلك الخطوط إلى غير القبلة ، فلما قفلنا من سفرنا هذا سألنا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك فسكت ، فنزل قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
__________________
(١) ظن من يعتد به من أهل الخير والصلاح. (ح / ص).
(٢) وهو الذي اختاره الإمام المهدي عليهالسلام في المختصر ، وصدر به الفصل.