العلماء : تجوز التعزية للذمي بأن يقال له : أخلف الله عليك ، ولا نقص عددك (١) ، فلما خص إبراهيم بالدعاء بالرزق لمن آمن قال تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً) [البقرة : ١٢٦].
قرئ فأمْتِعه بسكون الميم والتاء خفيفة ، وهذه قراءة ابن عامر ، والباقون : بفتح الميم ، والتاء مشددة ، وهي تفيد التكثير ، وفي قراءة ابن عباس ، وليست في السبعة (فأَمتِعه) بفتح الهمزة ، وكسر التاء ثم اضْطرَّه موصولة الألف ، مفتوحة الراء ، على جهة الدعاء من إبراهيم.
وفي هذه القراءة دلالة على جواز الدعاء على الكفار بمثل هذا ، من سلب اللطف والهداية ، وهذا كما ورد في سورة يونس ، في قول موسى عليهالسلام : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٨٨].
قال النواوي : أما لو دعا مسلم على مسلم ، فقال : اللهم اسلبه الإيمان ـ عصى بذلك ، وفي كفره وجهان ، الصحيح أنه لا يكفر.
قوله تعالى
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي
__________________
(١) وفيه : أن يقال : قد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (من دعاء لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه) وهذا الدعاء يتضمن ذلك. وأجيب : بأنه يجوز من الله التبقية لهم ، فتجوزنا بمكان يجوز من الله ، ولعله على وجه لا يكون فيه ظلم ، ولا تقوية للكفرة ، وهو غير مخلص. فيحقق. (ح / ص).