وعن الحسن : (مَنْ تَطَوَّعَ) ـ يعم جميع النوافل في أمر الدين جميعها ، وفي قراءة عبد الله : (ومن يتطوع بخير).
واختلف الأكثر ، فقال الشافعي ، ومالك : لا يجبر ذلك دم ، كطواف الزيارة ، ولأن الحديث أوجبه ، ولا دليل على ثبوت البدل.
وقال عامة الأئمة والحنفية : إنه يجبر بالدم ، وأخذوا ذلك من قوله تعالى : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) فأثبته تعالى حاجا قبل أن يطوف ، ولأنه عبادة لها تعلق بالحرم ، لا تختص بالبيت فجبرت بالدم كالرمي.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الحج عرفة) يفيد أن من وقف لم يفت حجه ، فلا يخرج منه إلا بدلالة.
قال في الغرائب والعجائب (١) : ومن وقف على قوله تعالى : (فَلا جُناحَ) وابتدأ بقوله تعالى : (عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) وأراد أن يأخذ من الآية الوجوب ، ففيه بعد من وجهين :
الأول : أن لفظ : (فَلا جُناحَ) يتكرر في القرآن ، وصلته (عَلَيْهِ).
الثاني : أنه زعم أن لفظة : (عَلَيْهِ) إغراء ، والإغراء إنما يكون للمخاطب دون الغائب (٢).
الحكم الثالث : أن البداية بالصفا شوط ، فمن عكس ، وبدأ بالمروة ، ألغى الشوط الأول الذي من المروة ، وهذا مذهب أكثر العلماء.
وعن عطاء : إن جهل فبدأ بالمروة أجزأ عنه.
وإذا قلنا : إن البداية بالصفا واجب ، فهل ذلك مأخوذ من القرآن؟ أو
__________________
(١) هو كتاب تفسير لبعض الشافعية. (ح / ص).
(٢) يقال : هو خبر في معنى الأمر ، كقوله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) وليس من الإغراء.