وقال المؤيد بالله ، وأبو القاسم : تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره ، ولو من جنسه.
وقال أبو علي : تصح مع الإصرار على ذنب من غير جنسه.
واحتجوا : بأن من تاب من اليهودية مع الإصرار على مظلمة دانق ، فإن أحكام اليهودية زائلة عنه بالإجماع.
قوله تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [البقرة ١٦١]
دلت الآية على أن من مات مصرا على كفره جاز لعنه ، لكن إن علمنا عدم توبته بدليل سمعي كأبي جهل ، وأبي لهب ، وفرعون ، وهامان ، فلا إشكال في ذلك ، وكذا لعن كافر مات مصرا من غير تعيين.
وأما الكافر ، أو الفاسق المعين ، فظاهر الأحاديث جواز لعنه (١) ، روى جابر رضي الله عنهأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رأى حمارا قد وسم في وجهه ، فقال : لعن الله الذي وسمه».
وعن الغزالي : تحريم ذلك ، لأن اللعن هو الإبعاد من رحمة الله تعالى ، وما ندري بما يختم لهذا الفاسق أو الكافر ، قال : ومن لعنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو معين ، يجوز أن يعلم أنه يموت على كفره ، وقد يتمسك بهذه الآية لجواز اللعن ، ويجاب بأنها واردة في كفار ماتوا على كفرهم ، ويجاب : بأنه ليس فيها نفي لغير ذلك.
__________________
(١) وسيأتي إعادة هذا الكلام في مواضع منها : في آل عمران في قوله : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) الآية ، وفي النساء في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).