الحكم الثالث : أن النذر لا يصح بالمعاصي ، لأنه قد فسر قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) بذلك.
وقيل : أراد آثاره ، أو أعماله ، أو خطاياه ، ولا إشكال أن النذر بالمعصية لا يلزم ، بل يكون الناذر آثما ، لكن هل تجب عليه الكفارة أم لا؟ مذهب الهدوية وأبي حنيفة تلزم للحديث (لا نذر في معصية الله تعالى ، وكفارته كفارة يمين).
وعن الناصر ، والصادق ، والباقر ، ومالك ، والشافعي : لا كفارة ، ويقولون : [هذا الحديث] (١) مرسل ، ويحتجون بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه ، ولا كفارة عليه) ومذهبنا قبول المراسيل ، والعمل لها خلافا للشافعي (٢).
قوله تعالى
(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [البقرة ١٦٩]
استدل بذلك نفاة القياس ؛ لأنه لا يعلم دخول المقيس في المقيس عليه ، قال الحاكم : وهو مردود ؛ لأنا علمنا صحته ، وهو يستدل على صحته بقوله تعالى في سورة الحشر : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) [الحشر : ٢].
قوله تعالى
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) [البقرة : ١٧٠]
دل على صحة الحجاج في الدين.
__________________
(١) ما بين القوسين مضروب عليه في النسخة أ.
(٢) ليس على الإطلاق ، ولأنه قبل مراسيل ابن المسيب. (ح / ص).