قوله تعالى
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) [البقرة : ١٧٨]
السبب في نزول هذه الآية :
ما روي عن ابن عباس أن حيين من العرب اقتتلوا قبل الإسلام ، فكان بينهم قتلى وجراحات ، ولأحدهما طول على الآخر في الكبر والشرف.
وكانوا ينكحون نساءهم بغير مهر ، فأقسموا لنقتلن بالعبد منا الحر ، وبالمرأة الرجل منهم ، وبالواحد منا الاثنين ، وجعلوا جراحاتهم ضعفين ، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى جاء الإسلام فرفعوا أمرهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. هذا هو الظاهر المشهور.
وعن السدي : أنه نزلت في فريقين على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحدهما مسلم ، والآخر معاهد ، وقيل : نزلت في حيين من الأنصار.
وأما الأحكام المقتطفة من هذه الآية ، فسنبين المعنى ، وهي تظهر في أثناء ذلك
فقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) هذه العبارة دالة على الوجوب من وجهين ذكرها الحاكم :
الأول : قوله : (كُتِبَ) لأنه يعبر به في الشرع عن الوجوب ، ومن الصلاة المكتوبة ، أي : المفروضة ، وعليه قول الشاعر (١) :
__________________
(١) الشاعر : هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ، المخزومي ، القرشي ، أبو الخطاب ، أرق شعراء عصره ، من طبقة جرير والفرزدق ، ولم يكن في قريش أشعر منه ، ولد في الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب ، فسمي باسمه ، رفع إلى عمر بن عبد العزيز أنه كان يتشبب بالنساء ، فنفاه إلى دهلك ، ثم غزا في البحر فاحترقت به السفينه ، فمات هو ومن معه [٣٣ ـ ٩٣].