الحكم الثالث : أن من أتلف على غيره مثليا ، وهو غاصب فعليه مثله ، وفي القيمي قيمته ، لأنها المثل من طريق المعنى.
[فائدة في أخذ المقابل من مال الممتنع]
الحكم الرابع : أن من كان له شيئ مع خصم ممتنع ، فله أن يأخذ مثل حقه ، وهو قول المؤيد بالله ، وأبي حنيفة لقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ).
وقال المنصور بالله ، وأحد قولي الشافعي : يجوز ولو من غير الجنس ؛ لأن العقاب يكون من غير جنس المعصية ، وقد قال تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠].
وعند الهادي عليهالسلام : لا يجوز من الجنس ، ولا من غيره ، لقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [البقرة : ١٨٨] وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك».
الحكم الخامس : أن من غصب خشبة ، وبنى عليها ، فإن بناءه يهدم ، وتؤخذ ، وهذا قول أكثر العلماء ، وكذا من بنى على ساحة غيره ، فإنه يهدم البناء.
وقال أبو حنيفة : البناء على الخشبة استهلاك ، فيدفع قيمتها ، وكذا البناء على الساحة في رواية الشامل (١) عن أبي حنيفة.
قال الحاكم : الاستدلال بالآية يبعد ؛ لأنه أمر بمثله ، والغاصب
__________________
(١) الشامل : وهو من أجود كتب الشافعية ، ومؤلفه هو : عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر المعروف بابن الصباغ الشافعي ، كان فقيه العراق في وقته ، وثقة حجة ، ومن مصنفاته : كتاب الشامل ، ودرس ببغداد ، ولد سنة ٤٠٠ ه ببغداد ، وكف بصره آخر عمره ، وتوفي في جمادى الأولى سنة ٤٧٧ ه ببغداد.