الحكم الثالث
إذا أحصر بعد الوقوف عن طواف الزيارة لم يكن له أن يتحلل بالهدي ، بل يبقى ممنوعا من النساء عند أصحابنا ، وأصحاب أبي حنيفة.
وقال الشافعي : له أن يتحلل. حجة الشافعي الأخذ بعموم آية الاحصار ، وهي قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ولم يفرق ، وعضدوا هذا بالقياس على المعتمر ، فإنه إن أحصر عن الطواف بالبيت كان له أن يتحلل بالهدي ، حجتنا قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ومن وقف بعرفة فقد تم حجه ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «من وقف بعرفة فقد تم حجه» وفرقنا بينه وبين المعتمر بأن المعتمر لو قلنا : يبقى على إحرامه لزم الحرج ، إذ لا وقت يرجى له أن يحل فيه من المحظورات كلها ، ولا بعضها ، بخلاف من عليه طواف الزيارة فقد حلت له المحظورات إلا النساء ، فهو أخف ، وصحح قاضي القضاة قول الشافعي ، وادعى أنه إجماع ، ودعوى الإجماع غير مطابق.
الحكم الرابع
أن التحلل بالهدي لمن منع عن الوقوف جائز ، سواء كان الاحصار في الحل ، أو في الحرم ، ذكره الناصر عليهالسلام وهو الظاهر من أقوال الأئمة عليهمالسلام ، وحكاية الحسن بن زياد (١) عن أبي حنيفة : أنه لا إحصار في الحرم (٢).
حجتنا : أن الآية لم تفصل ، وهي قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا
__________________
(١) الحسن بن زياد هو : الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي ، أبو علي ، قاض فقيه ، من أصحاب أبي حنيفة ، أخذ عنه ، وسمع منه ، ولي القضاء بالكوفة سنة ١٩٤ ه وتوفي سنة ٢٠٤ ه.
(٢) وأنه ينتظر زوال العذر ، وإلا تحلل بعمرة ، ولا يتحلل بشيء من المحظورات إلا بعد الطواف والسعي ؛ لأنه يصح إحرامه بالحج على عمرة. (ح / ص).