فضرب فانفلق ، وقوله تعالى : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ) [البقرة : ٥٤] معناه : فتبتم فتاب عليكم.
الوجه الثاني (١) : أن تكون دلالة تنبيه وإيماء ، وذلك مثل أن يقترن النص (٢) بحكم لو لم يكن (٣) للتعليل كان بعيدا ، كقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] وقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢].
وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (اعتق رقبة) لما قال له الأعرابي : وقعت على أهلي في نهار رمضان ، فإنه يفهم أن علة العتق المواقعة في نهار رمضان ، وعلة القطع السرقة ، وعلى الجلد الزنا ، وقد يسمى فهم التعليل ، ويسمى فحوى الكلام ولحنه.
قال الغزالي : وإليك الخيرة في التسمية بعد معرفة معناه.
الوجه الثالث : أن تكون دلالته دلالة إشارة ، وذلك ما يتبع اللفظ ، ولم يقصد إليه ، ومثله الاستدلال على أن أقل الحمل ستة أشهر بقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥] مع قوله تعالى : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) [لقمان : ١٤] وكذلك الاستدلال على أن من وطىء ليلا ثم أصبح جنبا فإن صومه لا يفسد بقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧] وذلك لأن آخر جزء من الليل يصدق عليه أنه من الليل ، فجاز الرفث فيه ، وكقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة ١٨٧] فمد الغاية للجواز إلى
__________________
(١) أي : من أوجه دلالة اللزوم.
(٢) صوابه (الوصف سواء كان نصا أو غيره ، وهو كذلك في الكتب الأصولية ، وليس البحث إلا عن الوصف الصالح للتعليل ، والحكم ، وهو واضح للمتأمل ، والله الموفق (مجد الدين المؤيدي).
(٣) أي : الاقتران.