وهو قول أبي حنيفة ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي : إنه يجوز أن يخرج في الفطرة من دون ما يأكل هو وعياله مع الكراهة.
ومنع ذلك في الأحكام ، وأبو العباس ، وأحد وجهي أصحاب الشافعي ، جواب ذلك أن الجواز مأخوذ من كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم خير في الفطرة.
وروي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فرض صدقة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من زبيب ، أو صاعا من أقط. ومعلوم أن هذه الأصناف لا تكون قوتا لكل قوم ، وإنما يقتاتون جنسا منها أو جنسين ، وإذا اقتضت الآية أنه لا يجوز إخراج الرديء ، ولا يجزئ ؛ لأنه لا يأخذه عن دينه إلا مع الإغماض ؛ اقتضى ذلك منع الحيلة بأن يواطء الفقير بأنه يهب له ؛ لأنه لا يقبل ذلك في دينه إلا مع الإغماض بأن يهب البعض.
قوله تعالى
(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [البقرة : ٢٦٨ ـ ٢٦٩]
الوعد : يستعمل في الخير والشر ، وقوله : (بِالْفَحْشاءِ). قيل : أراد البخل ومنع الزكاة ، عن أبي مسلم.
وعن مقاتل ، والكلبي : كل ما في القرآن من ذكر الفحشاء ، فالمراد به الزنى ، إلا في هذه الآية ، فالمراد به مانع الزكاة.
وثمرة الآية : التأكيد لوجوب الزكاة ، والترغيب في العلم ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).